دور النظام العربي الرسمي في التمكين للكيان الصهيوني في الإقليم

دور النظام العربي الرسمي في التمكين للكيان الصهيوني في الإقليم

  • دور النظام العربي الرسمي في التمكين للكيان الصهيوني في الإقليم

افاق قبل 6 شهر

دور النظام العربي الرسمي في التمكين للكيان الصهيوني في الإقليم

تعد العلاقات العربية الاسرائيلية قضية قديمة/جديدة ،تعود بداياتها الى ما قبل نكبة عام 48 وتأسيس الكيان الاسرائيلي الحالي، أي الى مرحلة اهتمامات المشروع الصهيوني وسعيه نحو اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين .هذه العلاقات بالتأكيد وبالأدلة القاطعة استمرت منذها إلى اليوم بين أنظمة عربية عديدة  مع الكيان الصهيوني  حتى أنها توجّت في إقامة علاقات دبلوماسية وتطبيع على مختلف المستويات، ثم منها(من الدول العربية) من أقام مع الكيان علاقات غير رسمية-إلى يومنا هذا- من خلال إقامة مكاتب تعاون وارتباط لخدمة مصالح الطرفين.

معركة طوفان الأقصى وضعت النظام العربي في مأزق وجودي وحركت الرئيس الأمريكي وأركان ادارته للحجيج لاسرائيل ومعهم قادة الغرب ضمن رسائل منها دعم الكيان الصهيوني وطمئنه لحلفائها العرب ، والسيناريو واضح هذه المرة.. فهناك إشارات من أكثر من اتجاه وبكل ألوان الطيف تتجمع في بؤرة واحدة لتوصيل رسالة تدمغ كل من يعادي الكيان الصهيوني بالإرهاب وتجعل منه هدفا للتصفية والإبادة.

هكذا نلاحظ اليوم في الحرب الدائرة على قطاع غزة تحالفا إقليميا دوليا يصطف خلف الكيان الصهيوني ضد المقاومة، وان تفاوتت أو تقاربت المواقف، وباتت ملتحمة مع الموقف الصهيوني الغربي المعادي  للشعب الفلسطيني ، ويعيد كل ذلك إلى الذاكرة نفس المشاهد المتكررة منذ الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، ويفتح ملف دور النظام العربي الداعم لذلك الكيان على عكس دور الشعوب وجهادها من أجل فلسطين منذ نشأة القضية.

والحال أن هذا الملف متخم بمعلومات وحقائق كثيرة:

في أبريل/نيسان 1920 تفجرت ثورة العرب الأولى في فلسطين بمعركة حامية بين الفلسطينيين من جانب واليهود والاحتلال البريطاني من جانب آخر سقط فيها 250 جريحا من الجانبين وتسعة قتلى من اليهود وأربعة شهداء من الفلسطينيين يمثلون في الذاكرة الفلسطينية طليعة الشهداء.

وقد تمكن اليهود والاحتلال البريطاني من إخماد تلك الثورة التي ما لبثت أن عاودت الاشتعال مرة أخرى في 20 أغسطس/آب 1929، وتواصلت حتى العام 1936، حيث سطر الشعب الفلسطيني أثناءها -بمساعدة الشعوب العربية- أروع صور البطولة والفداء وقدم العشرات من الشهداء، في مقدمتهم الشيخ عز الدين القسام والشيخ موسى كاظم الحسيني، وقدم عشرات المطرودين خارج فلسطين ومئات المعتقلين دون أن يفت ذلك في عضده.

ولم تهدأ تلك الثورة، حتى اشتعلت ثورة أشد وأقوى هي ثورة العرب الكبرى عام 1936 التي استمرت سبعة أشهر (من أبريل/نيسان، حتى أكتوبر/تشرين الأول) خاض الفلسطينيون فيها جهادا مسلحا ألقى الرعب في قلوب اليهود ومعهم الإمبراطورية البريطانية، ولم يوقف لهيب تلك الثورة إلا تدخل الزعماء العرب الذين ألقوا بثقلهم لإقناع الثوار بوقف ثورتهم ضامنين لهم تحقيق العدل وإقرار الحق الفلسطيني.

وقال الزعماء في رسالتهم إلى أهل فلسطين "ندعوكم إلى الإخلاد إلى السكينة حقنا للدماء، معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل". (كتاب محاضرات في تاريخ قضية فلسطين ص 186 )

وهكذا أطفئت الثورة بأيدي الحكومات العربية التي وثقت في الصديقة بريطانيا، واليوم يكرر معظم أقطاب النظام العربي نفس الدور بالضغط على المقاومة لنزع سلاحها وتجريدها من قوتها سعيا لحماية الكيان الصهيوني!

– في حرب 1948 التي منيت فيها الجيوش العربية بالهزيمة تمكن المجاهدون ومعهم بعض فصائل الجيوش العربية من حصار القدس وداخلها مائة ألف يهودي، وكاد هذا الحصار يحول الكفة لصالح الجيوش العربية، حيث "حال المحاصرون من جنود الجيش العربي وقوات المجاهد أحمد عبد العزيز من وصول الإمدادات والتموين إليها، فتسرب الجوع بعد العطش إلى تلك المدينة المكتظة والمهمة.. وكان العالم كله يتوقع سقوط المدينة في يد العرب بين لحظة وأخرى، ولا سيما بعد أن فشلت مساعي مندوب الصليب الأحمر في إدخال المياه إلى القدس". (نفس المصدر السابق )

ووسط دوي المدافع.. وبينما كانت برقيات الاستغاثة تغادر القدس إلى تل أبيب وإثر مظاهرات اليهود فيها طالبين السلم وإلقاء السلاح، تقدمت بريطانيا إلى مجلس الأمن تطلب وقف القتال أربعة أسابيع والتعهد بعدم إرسال محاربين ومواد حربية إلى فلسطين في هذه الفترة، وتطبيق مادة العقوبات العسكرية والاقتصادية على من يخالف الأمر.

وفي 29 مايو/أيار 1948 وافق مجلس الأمن على هذا القرار وأعلنت الحكومة البريطانية أنها ستتوقف عن إرسال الأسلحة إلى الدول العربية المرتبطة معها في معاهدات، وهي مصر والأردن والعراق". (جهاد فلسطين خلال نصف قرن )

واجتمع مندوبو الدول العربية لبحث الموضوع، وبعد مناقشات طويلة وافقوا على قرار مجلس الأمن (الهدنة)، فكان ذلك بداية النصر لليهود بعد إنقاذهم من هلاك محقق، وذلك بشهادة القنصل الأميركي في القدس في ذلك الوقت، إذ يقول بالنص "إن قرار مجلس الأمن الذي فرض الهدنة الأولى هو وحده الذي خلّص اليهود وحال دون سحقهم على أيدي الجيوش العربية". (نجم جديد في الشرق الأوسط – كنيث بلبيص 25).

بل إن الإرهابي مناحيم بيغين زعيم عصابة الأرغون زفاي ليومي -في ذلك الوقت- يتحدث عن تلك الواقعة صراحة في مذكراته قائلا:

"تواردت الأنباء من جميع المدن والمستعمرات اليهودية بأن الشعب اليهودي أصابه الخوف، خصوصا أهل القدس الذين شهدوا فشل القوات اليهودية في فتح باب الواد وتموينهم، وكان الجيش العربي قد بدأ يقصف أحيانا بمدافعه الثقيلة فجعل الشعب اليهودي يقوم بالمظاهرات الصاخبة داعيا إلى إنهاء الحرب بأي ثمن، وعندما طلب إليّ بن غوريون الذهاب للقدس فوصلتها والشعب اليهودي فيها ثائر يطالب الخلاص، فأعلنت الأحكام العرفية، ومنعتُ التجول، ووضعت الشبان في الخطوط الأمامية للدفاع، ولكن لا سلاح ولا عتاد ولا غذاء ولا مال إلا قنابل الأعداء، وكانت الدوائر الصهيونية تعمل على إرسال رسول سلام إلى فلسطين وعقد هدنة مؤقتة تتلاشى معها الفضيحة الكبرى، وتمت الهدنة، فجئنا إلى يهود القدس بالطعام وبعض الماء، واستعددنا وجلبنا السلاح والعتاد والمتطوعين والمحاربين من الخارج" (جريدة الحياة )

ولا تعليق لنا إلا تعليق مؤرخ عربي كان يتولى موقعا قياديا في حرب فلسطين وهو يتحدث عن قبول الحكومات العربية لتلك الهدنة قائلا "ليس لي إلا أن أصفهما بالجريمة الكبرى، وهي أخف وصف يمكن أن توصف به موافقة الجامعة العربية على شروط الهدنة…" (كارثة فلسطين ص203 )

– ثم تجدد القتال مرة أخرى بعد انتهاء الهدنة في 9 يونيو/حزيران 1948، ولكن كان الميزان قد تغير، وحدثت الكارثة الكبرى، وانهزمت الجيوش العربية مجتمعة أمام العصابات الصهيونية.

تناست الكثير من الأنظمة وهي تتحرك لوأد الحركة الشعبية  المناهضة لإسرائيل خوفا من أن تتهاوى تلك الأنظمة أمام المد الجماهيري  ، لا بل أن تلك الأنظمة استسلمت لسياسة الأمر الواقع والقبول بإسرائيل في منظومة الشرق الأوسط والتطبيع معها قبل إيجاد حلول عادله ومشروعه للقضية الفلسطينية

لا شك أن المنطقة اليوم باتت أمام مفصل تاريخي وهناك خشيه حقيقية من حالة الغليان التي يشهدها الشارع العربي أمام حالة العجز للنظام العربي  لتأمين الحماية للشعب الفلسطيني في غزه جراء الحرب عليها بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب  وتقديم كل الدعم لإسرائيل . هذه المجزرة التي ترقى لجرائم الهول وكست ، وتتطلب موقف عربي يرقى لمستوى التحديات والتغيرات التي تشهدها المنطقة

 

التعليقات على خبر: دور النظام العربي الرسمي في التمكين للكيان الصهيوني في الإقليم

حمل التطبيق الأن